تفاصيل الخبر

اعتراض الكتائب «نغّص » فرحة الوصول الى صيغة تعادل فيها الفريقان...

22/03/2014
 اعتراض الكتائب «نغّص » فرحة الوصول الى صيغة تعادل فيها الفريقان...

اعتراض الكتائب «نغّص » فرحة الوصول الى صيغة تعادل فيها الفريقان...

سجعان-قزي-و-رمزي-جريج-و-الان-حكيم

«مخارج لغوية » وضغوط خارجية أمنت ولادة البيان الوزاري وفريقا 8 و14 آذار سوّقا لانتصار كل منهما في خياراته!

إنه زمن <التنازلات> و<التسويات>.

كما وُلدت حكومة الرئيس تمام سلام بعد مخاض عسير استمر 10 أشهر و10 أيام، بفعل <تسوية> محلية وإقليمية ودولية.. كذلك أبصر البيان الوزاري النور قبل أن تنتهي مهلة الـ30 يوماً لوضعه بثلاثة أيام. إنه بيان <تسوية> اعتبر فيه كل فريق نفسه <منتصراً> على الفريق الآخر من خلال كلمة من هنا أضيفت الى البيان، أو عبارة من هناك أزيلت من البيان، أو <أل> التعريف التي أُلصقت بكلمة أو رُفعت من أخرى. وعلى الرغم من أن الصياغة النهائية للبيان الوزاري تطلبت <ضغطاً من هنا و<ترغيباً> من هناك، فإن بصمات <المجتمع الدولي> لم تغب عن الأجواء التي سبقت ورافقت إقرار البيان، فضلاً عن تهديد الرئيس سلام بالاستقالة قبل نفاذ المهلة الدستورية.. وليتحمل كل فريق مسؤولية موقفه و<عناده> و<تصلبه> وتمسكه بحرف من هنا، وكلمة من هناك.

وإذا كانت حكومة الرئيس سلام قد تجاوزت «قطوع> البيان الوزاري، فإن المفاجأة كانت من خلال موقف وزراء حزب الكتائب الذين رفضوا الصيغة

التي أقرت، لاسيما في الفقرة المختلف عليها حول دور المقاومة في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، ما تطلب جولة إضافية من الاتصالات مع رئيس حزب الكتائب الرئيس امين الجميل للحؤول دون خروج وزرائه من الحكومة، ما يصيب التمثيل المسيحي لقوى 14 آذار بهزة تؤدي الى إضعاف حضور هذا الفريق في التركيبة الحكومية، فتصبح المظلة المسيحية مؤمنة بواسطة الوزراء المستقلين من 14 آذار إضافة الى وزراء تكتل التغيير والاصلاح ووزيري رئيس الجمهورية.

ضغوط من الداخل والخارج

والذين تابعوا عن قرب <المفاوضات> التي رافقت الاتفاق على <الصيغة - المخرج> تيقنوا أن الوصول الى اتفاق ما كان ممكناً لولا الضغوط التي مورست على أكثر من طرف وشارك فيها الى الرئيس سلام من خلال التهديد بالاستقالة، البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وعدد من سفراء الدول الكبرى، ولاسيما منهم السفير الأميركي <دايفيد هيل> الذي مارس <ضغطه> من السعودية، حيث كان على تشاور دائم مع المسؤولين فيها، والسفير الروسي <الكسندر زاسبيكين>، والسفير البريطاني <طوم فيلتشر>، والسفير الفرنسي <باتريس باولي> وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في بيروت <ديريك بلامبلي>، الذين أقاموا خطوط اتصال مفتوحة في ما بينهم من جهة، ومع عواصم دولهم من جهة ثانية، كانت خلالها أصداء ما يدور من كلام دولي يصل الى مسامع المعنيين ولاسيما الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، ما كثّف الصيغ البدائل وصولاً الى الصيغة التي أقرت في النهاية والتي قال أكثر من طرف بأنها <أفضل الممكن>، فيما وصفها آخرون بـ<الصيغة الهجينة>، ولم يشر أحد الى أن هذه الصيغة <ممتازة> أو هي <صيغة جامعة>...

وهكذا بدأت حكومة <المصلحة الوطنية> مشوارها بعد ثقة مجلس النواب، والتناقضات تعشش في تركيبتها الوزارية، ما يؤشر الى أن صعوبات كثيرة ستواجه عملها الممتد مبدئياً حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل 25 أيار (مايو) المقبل، إلا إذا حلّ الفراغ في قصر بعبدا، وطال عمر الحكومة الى أمد غير محدد، ريثما يتم الاتفاق بين القيادات اللبنانية، طوعاً أو قسراً، على من يخلف الرئيس سليمان في السدة الرئاسية.

 

<الصيغة - المخرج> أرضت الفريقين

في أي حال، ولدت <الصيغة - المخرج> للفقرة الخاصة بمواجهة الاحتلال الاسرائيلي بعد مفاوضات عسيرة - بدت أحياناً عقيمة - بين أفرقاء الحكومةالسلامية الذين تناوبوا على التشبث بكلمة من هنا، وتعبير من هناك، فيما تولى الرئيس بري والنائب جنبلاط إعداد الصيغة تلو الأخرى، على أمل أن تحظى بموافقة الجميع. وفي آخر جلسة لمجلس الوزراء ليل الجمعة الماضي، أبصرت الصيغة النور بعد تعديلات ومشاورات وضغوط واستبدال كلمات، وقد أصبحت على الشكل الآتي: <استناداً الى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه، تؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الاسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة>. (والأصح لغوياً <مع التأكيد على حق المواطنين>، و<في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي>).

وبالرغم من أن الصيغة النهائية ارتكزت على مزج بين صيغة قدمها الرئيس نبيه بري وأخرى قدمها النائب وليد جنبلاط عبر معاونه السياسي وزير الصحة وائل أبو فاعور. فإن التعديلات التي أدخلت على صيغتي الرئيس بري والنائب جنبلاط استولدت الصيغة النهائية بعد محاولات من فريقي 8 و14 آذار إضافة عبارات بهدف تبادل تسجيل المواقف. وسجلت المصادر المتابعة لتفاصيل ولادة الصيغة - المخرج تجاوباً من حزب الله الذي لم يعترض على إضافة كلمة <المواطنين> قبل كلمة <اللبنانيين> لأن همه الأساسي كان الإبقاء على عبارة <المقاومة> التي تمسك بها الرئيس نبيه بري في كل الصيغ التي قُدمت، في وقت تمسك فريق 14 آذار بعبارة <دور الدولة>، إضافة الى مسؤوليتها في تحرير الأرض، وقد تكررت عبارة <الدولة> مرتين في

ميشال-سليمان-و-نبيه-بري-و-تمام-سلام

الأسطر القليلة للصيغة.

حيال هذه النتيجة التي توصل إليها وزراء حكومة الرئيس سلام والجهات الحزبية التي يمثلون، اعتبر كل فريق أنه حقق ما كان يسعى إليه خلال الاسابيع التي استغرقها إعداد البيان الوزاري، وبالتالي فإن الصيغة التي أُقرت أمنت لفريقي 8 و14 آذار المكسب السياسي الذي كان يسعى إليه كل منهما.

فريق 14  آذار، باستثناء حزب الكتائب، بدا مرتاحاً للصيغة التي أقرت، لأنه تمكن من تثبيت مسؤولية الدولة عن تحرير الأراضي المحتلة، و<أسقط> ما كان يعرف بـ<المعادلة الذهبية> <الجيش والشعب والمقاومة> للمرة الاولى منذ سنوات، إذ ستغيب  هذه المعادلة بنصها عن البيان الوزاري، وهو ما أشار إليه الرئيس سعد الحريري عندما قال إن المعادلة الثلاثية <ذهبت الى غير رجعة> وان سلاح المقاومة أو سواه «قضية خلاف برسم الحوار الوطني والرئيس الجديد> للجمهورية.

في المقابل، اعتبر فريق 8 آذار أنه <انتصر> هو أيضاً من خلال صيغة البيان الوزاري لأنه تمكّن من تكريس عبارة <حق المقاومة للبنانيين>، بعدما كانت قوى 14 آذار ترفض مجرد ذكر تعبير <المقاومة> واستبدلته بصيغ تربط حق المقاومة بالدولة وحدها.

مسيرة محفوفة بالعراقيل

وترى مصادر سياسية أن <التعادل> الذي تحقق بين فريقي 8 و14 آذار حيال فقرة المقاومة في البيان الوزاري جعل كل فريق يعتبر نفسه منتصراً في أول مواجهة عملية داخل الحكومة السلامية، وان مثل هذه الخلافات قد تتكرر عند الاستحقاق التالي، لاسيما بعدما أصبحت الحكومة <مكتملة الاوصاف> دستورياً على اثر مثولها امام مجلس النواب، ما يعني عملياً أن مسيرتها خلال الشهرين المتبقيين من ولايتها ستكون مسيرة محفوفة بالعراقيل ومزروعة بالعقبات، وكل ملف سيُطرح أمامها قد تستغرق دراسته وقتاً غير قصير أسوة مع القاعدة التي اعتمدت خلال التشكيل، وتكررت خلال اعداد البيان الوزاري.

في أي حال، فرصة الرئيس سلام في إنجاز البيان الوزاري كانت كبيرة، لولا  أن موقف وزراء حزب الكتائب <نغصها> جزئياً، وهو طوى الاستقالة التي كان لوّح بها ثم جعلها خياراً نهائياً بعدما شعر أن الحكومة حاصرتها المزايدات وأصبحت الخلافات على حرف من هناك وكلمة من هنالك. وتعتبر اوساط متابعة أن الرئيس سلام الذي كان قد شكا من مواقف بعض اطراف الحكومة، تمكن من تسجيل نقاط اضافية لصالحه انتزعها بالتساوي من فريقي 8 و14 آذار، وانتزع بقوة <حبل  المادة 14 من الدستور> الذي كان قد لف حول عنق الحكومة وكاد أن يخنقها!