تفاصيل الخبر

إرحموا اقتصاد طرابلس!

28/03/2014
إرحموا اقتصاد طرابلس!

إرحموا اقتصاد طرابلس!

   الجرح الأمني واحد بين عرسال وطرابلس. والمدينتان موضوعتان في العناية الرسمية الفائقة. وابن طرابلس وزير العدل اللواء أشرف ريفي يصب الآن كل اهتمامه، بالتعاون مع زميله وزير الداخلية نهاد المشنوق، على تدابير الانقاذ المطلوبة كما لعرسال كذلك لطرابلس..

   وإذا كانت مشكلة عرسال مستحدثة مع ضراوة القتال في سوريا وعلى مرتفعات البلدة، فإن مشكلة طرابلس متجذرة في التاريخ، وبالتحديد مع فيضان نهر أبو علي خريف 1958، عندما فرغت المدينة القديمة من أكثر سكانها بعدما نزحوا بفعل الفيضان الى مناطق البساتين التي ازدهر فيها الاعمار، وغاب غصن الليمون ليحل مكانه الحجر. وبعدما كانت بساتين البرتقال والحمضيات تدر المواسم اليانعة، ويجري التصدير الى سوريا والأردن والخليج، وجفت ثروة البساتين  مع الأيام. وزبائن سوق البازركان من سوريا، ولاسيما جبال العلويين، تفرقوا أيدي سبأ بعد قيام ثورة 1958، وأصبحت كل منطقة مجاورة لطرابلس، مثل زغرتا وبشري والكورة ذات اقتصاد ذاتي.

   وبقدر ما استطاع الرئيس رشيد كرامي، طيب الله ثراه، أن يستجمع البنى التحتية لحصار نهر أبو علي، ومنعه من أي فيضان جديد، بقدر ما تراجع اقتصاد طرابلس مع الاضطراب الأمني، فغاب معمل عريضة للنسيج في منطقة البحصاص، وأقفلت معامل الأخشاب، واحداً بعد الآخر بدءاً من معمل أخشاب آل غندور، وفقد اقتصاد طرابلس عناصر عافيته الاقتصادية.

   ولما كان عام 1961، جاءت حكومة الرئيس صائب سلام، طيب الله ثراه، وكانت أول هدية من صائب سلام لطرابلس مدينة المعرض التي صممها المهندس البرازيلي العالمي <أوسكار نيماير>، وتوقع أهالي طرابلس أن يكون المعرض مضخة لازدهار اقتصادي، إلا أن الذين تعاقبوا على الحكم لم يوجهوا العناية الكافية الى هذا المعرض، ولم يكفلوا لهذا المعرض التشريعات التي تأتي بالوفود والسياح.

   وبقدر ما كان هناك انتشار للأغنياء في شوارع عزمي والميناء والبوليفار الذي يصل طرابلس بالطريق الى بيروت، بقدر ما استحكم الفقر في الأحياء القديمة، مثل باب التبانة، وبعل محسن، والتربيعة، والقبة، والصاغة، وسوق العطارين، وباب الرمل، ولم تمتد يد الدولة الى مد هذه الأحياء بالمشاريع الانمائية التي تمتص البطالة المتفاقمة، وتبتلع دواعي الفقر، ويسود العدل المعيشي جميع طبقات هذه الأحياء.. ولم يكن ميناء طرابلس حيث المرفأ الذي يفتح ثغره لسوريا والعراق والخليج، أكثر عناية من تلك الأحياء القديمة في طرابلس.

   وماذا كانت النتيجة؟

   هجرة شبابية جامحة من طرابلس والضنية وعكار صوب استراليا، وكندا، وكانت العائلة تستدرج العائلة الأخرى حتى صار هناك طرابلس أخرى في المغتربات، وعز على خريجي الجامعات، وفي طرابلس جامعات بالجملة أبرزها جامعة <المنار>، أن يحظوا بفرص عمل. فهل يكون هناك بعد ذلك استغراب لانتشار السلاح في أيدي شباب باب التبانة، وشباب بعل محسن أو جبل محسن، حيث دخلت قوى تمويل خارجي لتؤجج الصراع.

   إنقاذ طرابلس لا يكون بجمع السلاح فقط، وجعلها مدينة منزوعة السلاح، وكفى، بل يكون بإنماء المدينة والميناء، وخلق فرص عمل، بحيث يكون هناك وظيفة مقابل انتزاع كل بندقية..

   واللهم اشهد إنني بلغت!