تفاصيل الخبر

فيلم"فرح": إنتبهوا الى صحتكم النفسية وحذار الدواء الخطأ، فقد يدمركم!

29/11/2022
فيلم"فرح": إنتبهوا الى صحتكم النفسية وحذار الدواء الخطأ، فقد يدمركم!

ابطال الفيلم تتوسطهم المنتجة حسيبة فريحة

 

بقلم عبير أنطون

 

ها هو فيلم لبناني جديد يطرح على الساحة السينمائية.. فيلم مختلف ويستحق المشاهدة، وأكثر ما فيه تميزا انه بغير موضوعه الشائك، لا يكتفي بمهمة الشاشة بطرح الموضوع عادة وترك الاستخلاص للمشاهدين، انما يطرح حلا وبدائل وهذا يُحسب له، ويعيد الى ذاكرتنا افلاما تركت بصمة بأنها غيّرت في واقع ما أكان بتطوير القانون المتعلق بالمسألة المطروحة كمثل فيلم "أريد حلا" لفاتن حمامة الذي ادى الى تغيير قانون الأحول الشخصية لتتمكن المرأة من رفع قضية خلع والحصول على حريتها او ايضا بطرح افكار المعالجة.

 فما الموضوع الذي يعالجه فيلم "فرح" العائد باربع جوائز من مهرجانات من حول العالم منها جائزة خاصة بمناسبة الذكرى العاشرة لمهرجان تشيلسي السينمائي في الولايات المتحدة الأميركية، وجائزة مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط حيث نال جائزة أفضل عمل أول، فضلا عن جائزة محمود عبد العزيز لأفضل إخراج فني، وجائزة أفضل فيلم روائي باختيار الجمهور وذلك ضمن فعاليات مهرجان الفيلم اللبناني في كندا.

الفيلم الذي وصل الى عرضه العالمي الأول في مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة، والذي شارك في "مهرجان سان دييغو للفيلم العربي" ما الذي يقوله ابطاله، هل سيعرض خارج لبنان ايضا؟ ومن هم مخرجاه غير المعروفَين على الساحة اللبنانية؟.

التفاصيل جميعها في جعبة" الافكار" التي شاهدت العرض الافتتاحي للفيلم على مدى 119 دقيقة ، قبل انطلاق العروض التجارية في اليوم التالي، وصدقت على تعبير الناقد الدكتور خالد علي الذي كتب "إذا كنت تبحث عن عمل فني تشويقي ذكي، مثير للتساؤلات، إذاً لا يجب أن تفوت مشاهدة فيلم فرح".

 

الصحة النفسية، وبشكلٍ خاص موضوع العلاج النفسي بالأدوية، وما يمكن ان يتسبّب به العلاج الخاطئ بتدمير أسرة بكاملها، هو العنوان العريض لفيلم "فرح" الذي وصل الى العرض بعد تأجيله أربع سنوات بسبب كورونا والأوضاع الإقتصادية. والفيلم الذي سيشهد له عروضا له ايضا في دولة الإمارات مع بداية شهر كانون الأول(  ديسمبر) الجاري وعروض ما بين مصر وأميركا، هو من تاليف حسيبة فريحة التي لعبت دور الام "فرح" كما شاركت زوجها الانكليزي كنتن اوكسلي في اخراجه.اما الانتاج فلـ رين عيسى وغابريال شيبتون، مع مساهمات من آخرين.

وسط الصراخ واضواء سيارة الصليب الاحمر يفتتح الفيلم. كوابيس وصور غير مفهومة تقفز الى عيون المشاهد. يبقى الغموض سيد الموقف لتتكشف الاحداث، واحدا تلو الاخر.

ضحيّة الكوابيس هي الصبية"لينا" (ستيفاني عطالله)، تقيم في الولايات المتحدة التي قصدتها بهدف دراسة الطب بناء على رغبة أكيدة من والدها(مجدي مشموشي). الأخير يطلب عودتها الى لبنان فورا بعدما عرف من صديقها انها أصيبت بانهيار عصبي.الطبيبة النفسية في الولايات المتحدة التي اتجهت لينا اليها للعلاج، أكدت لها ان الخطوة الاولى لمعافاتها تكمن في ان تعرف أكثر عن والدتها. بالنسبة لها هي متوفاة، ولم تسمع من والدها أي كلام يشرح ماذا حصل معها وما الذي حل بها. تعود لينا  الى لبنان ليبدأ مسار الفيلم وسط اصرار ليناعن البحث عن والدتها. بعد بحث مضن، تصل الى معرفة مكانها ويظهر ما لم يكن في الحسبان، عن ام تعيش حالة نفسية معقدة جدا، لاسباب عديدة، فتجعل ابنتها في دائرة من الشك حول عاطفة والدها تجاهها، بعدما تخبرها بانه يدمرها اي ابنته، كما دمرها هي الام من قبلها. فهل صحيح ما تقوله الام؟

باجادة كبيرة قدمت ستيفاني عطالله دور لينا. الكوابيس التي تطاردها باستمرار قضّت حياتها. تحاول ان تستعيد الهدوء والتركيز على مستقبلها بحبوب مهدئة للاعصاب. تبحث عن الفرح في كل مكان. حبوب "الـ"كزابا" المعروف بصورته غير الشرعية باسم"جوي" التي يستوردها والدها من احدى شركات الادوية ليبيعها تثير الجدل حول حالات انتحار تسببها. ارادت هي ايضا ان تستعلم عن هذه الحبوب. صحافي مراقب (يقوم بدوره يوسف بولس)، يدفعها لمعرفة الحقائق، وهو ايضا يشكّل سندها في البحث عن مكان والدتها "فرح"، ولما ينجز مهمته يختفي...! هو اصلا شخصية خيالية، غير موجودة الا في تفكير لينا ويشكل طاقتها الايجابية الوحيدة وسط الظلام والكوابيس التي تعيشها.

الممثل يوسف بولس هو في الواقع صديق لستيفاني، ولم يكن يعرف انها من ستقوم بدور لينا، ولما لاحظ المخرجان حسيبة فريحة وكينتون اوكسلي التناغم بينهما كان سعيدن جدا في اختيارهما.

حول العمل يخبر بولس انه  كُتب باللغة الإنكليزية. الأمر الذي شكّل تحدياً "حيث عملنا على لبننة النصّ ونقله الى اللغة العربية التي تشبهنا وتشبه الجمهور اللبناني والعربي الذي نتوجّه له. مع الإشارة الى أننا كنا قد بدأنا التصوير في اليوم الأول من ثورة 17 تشرين، ورغم كلّ الظروف التي واجهناها خلال تلك الفترة، نفّذنا العمل بكثير من الحبّ والفرح وبتقنية عالية من الإحتراف. وأنا شخصياً أبحث عن هذا النوع بالذات من الأعمال، وهي التي تستهويني، حيث تكون الظروف الإنتاجية متكاملة من جميع النواحي، وتؤمّن الراحة للممثل، وبالتالي تفتح له مجالاً أوسع للإبداع".

 

مهم جدا!

 من ناحيتها تقول ستيفاني عطالله ان موضوع الصحة النفسية هام جدا بالنسبة لها، و"هو غير متناول بشكل كبير في اعمالنا اللبنانية، وقد أتى تناوله بشكل سينمائي يحمل التشويق والاثارة فيجعل المشاهد متعلقا بالاحداث والنتائج. تشكل لينا نموذجا لكل الشباب والصبايا الباحثين عن الفرح، فيجدونه احيانا ولا يجدونه مرات، ويفتشون عنه في اماكن مختلفة منها الجيد ومنها غير الصحيح او المناسب".

وتؤكد ستيفاني ان "لينا" قريبة لقلبها جدا،علما ان الشخصية التي تقدمها تعاني كثيرا من الصراعات الداخلية. الدور "الصعب" لعبته ستيفاني منذ سنوات، الا ان عرض الفيلم  تاخر بسبب جائحة كورونا متمنية ان ينال دورها اعجاب المشاهدين الذين يمكن ان يروا في لينا ما يشبههم، فهي كما الكثيرمن الفتيات في مثل عمرها تطمح وتحلم الا انها تجد نفسها ضحية العديد من الحواجز. كذلك فإن ستيفاني  سعيدة بالفيلم ككل، لانه  يطرح امورا جديدة وخلاقة في مجتمعنا العربي.

وبعيدا عن الفيلم كانت ستيفاني بدأت حياتها التمثيلية في سن مبكرة جدا وبالصدفة، الا ان عائلتها شجعتها على الفن من خلال الموسيقى والغناء ومن خلال التمثيل الذي تعتبر في عالمه الممثلة ميريل ستريب "مثلا أعلى"في المجال لانها تتمتع بمصداقية ادائها في الادوار المتنوعة الت تلعبها، كما انها دائمة التجدد في فنها.

 

جناح وبياريت...

الممثلة القديرة جناح فاخوري هي التي تساعد لينا، وتسهل  لقاءها مع والدتها. التحاور بين البنت وامها يفتح أبواب نقاش حاد مع الوالد الذي بذل الكثير من الجهد لإقناعها بأن الأم تعاني من مشاكل نفسية وعضوية تشكّل خطراً عليها وعلى أهل بيتها ومن أجل ذلك تم عزلها وإبعادها تفادياً لأية أضرار قد تطال العائلة.

من جهتها تلعب الممثلة بياريت قطريب دورالطبيبة النفسية سلام التي تجسد الطب الحديث ومفهومه للصحة النفسية وعلاجاتها، وفيها ما يختلف عما يتمسك به بعض الاطباء التقليديين. تسعى سلام الى معالجة لينا بالطريقة التي تراها صحيحة من وجهة نظرها، وهي مختلفة تماما عما نمط العلاج الذي يصفه طبيب العائلة والذي لا يتقبل علاجا اخر ولا يعترف به. والطبيبة سلام وجهت لينا الى العلاج بالتامل والابتعاد عن الناس لفترة والالتحاق بفريق من بلد بعيد تمهيدا لعودتها الى حياة طبيعيةٍ متابَعةٍ بعد ذلك.

ولتجسيد دورها في العمل "المغاير للنمط السائد" بحسب وصفها، قامت بياريت قطريب بالكثير من الابحاث عن الصحة النفسية وعلاجاتها، مع نقاش معمق مع المخرجَين لاداء الشخصية بافضل ما يمكن. في الفيلم تُعلم لينا ان الاكتئاب قد ينتقل بالوراثة من الام الى ابنتها، ومثلها ال"تروما" او الصدمات  التي قد تنتقل من جيل الى جيل. وهنا نسأل انفسنا نحن اللبنانيين من منا لم يعش ال"تروما" في هذا البلد، وهل فعلا سنورثها الى اولادنا؟

 

رشدان: فيلم مميز

الممثل اسعد رشدان هو من يلعب دور طبيب العائلة الصديق والمقرب لها منذ عشرين عاما واكثر. دوره في الفيلم يعتبره مميزا ومختلفا عن كل ما سبق ولعبه على الشاشة، وانه افضل ما لعبه سينمائيا حتى الان ، خاصة و"ان المخرجين فريحة واوكسلي مختلفين في تعاطيهما الاخراجي عن النمط المعروف لدينا، فضلا عن ان السيناريو والحوار جاءا بحسب وصفه بمستوى عالمي، في مجال الافلام التي تتناول الصحة النفسية".

اما جوزيان بولس، نحلة "مسرح مونو" النشيطة فإنها ايضا تشارك في الفيلم بدور"غيتا" مربية لينا، والمغرومة بوالدها نبيل التي تتأنق له دائما وتعد له اشهى الاطباق وتسهر على تنفذ تعليماته ليبقى رضاه قائما عليها. فما الذي سيكون عليه مصير"غيتا" وسط العائلة" العصبيّة"؟

 

المخرجان...

 يبقى القول ان المخرجين حسيبة فرح و "كنتن أوكسلي"، غيرمعروفين لبنانيا على نطاق واسع. فمن هما؟

حسيبة فريحة كاتبة ومنتجة ومخرجة، عملت في العشرات من الأفلام القصيرة، من بينها فيلم Temperance"

 "الذي عُرض في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي وركن الأفلام القصيرة في مهرجان كان السينمائي الدولي كما شاركت بالعديد من الافلام  بينها فيلم"سيتي آيسلند" برفقة "أندي جارسيا" و"آلان أركن"، ومشروع الاتحاد الوطني للحياة البرية   

Campus Chillout"

"الذي شارك فيه نائب الرئيس السابق" آل غور"، والمنتج الحائز على جائزة أوسكار" جيف سكوول "والمنتج الحائز على جائزة أوسكار" لورانس بيندر".

ولاحقاً أنتجت حسيبة وقامت ببطولة وساعدت في إخراج فيلم "وحدن" الذي شارك في العديد من المهرجانات الدولية حول العالم، إلى جانب التمثيل في عدة أفلام قصيرة أخرى.

اما "كنتن أوكسلي" فقد تمكن من بناء مسيرة تنال تقديراً عالمياً في صناعة الأفلام والتلفزيون. وبصفته منتجاً والرئيس التنفيذي لشركة

Knockout Production"

"التي يمتلكها والتي تقدم خدمات إنتاجية، عمل كنتن في العديد من المشاريع التجارية الناجحة واستطاع أن يصبح أصغر مخرج لصالح

 ITV"

 "عندما كان في العشرين من عمره، وعمل مع حكومتي ماليزيا والإمارات العربية المتحدة، كما حصل على خبرة كبيرة من أعمال دولية مثل

 Top Gear وLeft Bank Pictures وBang Bang.".