تفاصيل الخبر

" معضلة" توقيع المراسيم: ميقاتي يلزم الوزراء بصيغة مصغرة رافضا " بدعة الـــ 24 توقيعا" و" المراسيم الجوالة"

25/01/2023
" معضلة" توقيع المراسيم: ميقاتي يلزم الوزراء بصيغة مصغرة رافضا " بدعة الـــ 24 توقيعا" و" المراسيم الجوالة"

مجلس الوزراء مجتمعا في جلسته الأخيرة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي

 

اذا كان رئيس حكومة  تصريف الاعمال نجيب ميقاتي نجح في تأمين النصاب لجلسة مجلس الوزراء قبل اسبوعين بزيادة وزيرين، وهو يستعد للدعوة الى جلسة ثالثة لدرس مواضيع ملحة وطارئة على رغم الاعتراضات على عقد مثل هذه الجلسات في  غياب رئيس الجمهورية لحكومة تصريف الاعمال وكان آخرها واقساها اعتراض مجلس المطارنة الموارنة في اجتماعهم الشهري قبل ايـــام، فـــان ثمة " مشكل" آخر لا يزال عالقا يعمل الرئيس ميقاتي على " تذليله" يتمثل بتواقيع المراسيم التي تصدر عن الحكومة وسط مطالبة بكركي و" التيار الوطني الحر" باعتماد تواقيع الوزراء الـــ 23 اضافة الى توقيع رئيس الحكومة على المراسيم، على النحو الذي اعتمد في حكومة الرئيس تمام سلام خلال فترة الشغور الرئاسي التي بدأت مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان. لقد عمم الرئيس ميقاتي على الوزراء بانه لن يقبل بتوقيع 24 وزيرا معتبرا انها " بدعة" هي المراسيم الجوالة، لكن لم يلق تجاوبا ما اضطره الى استصدار قرار من مجلس الوزراء في 18 كانون الثاني( يناير) الجاري نص على ما يلي:" قرر المجلس تبني مضمون التعميم رقم /36/ تاريخ 5/12/2022 الصادر عن السيد رئيس مجلس الوزراء لاسيما لجهة كيفية اصدار المراسيم عن حكومة تصريف الاعمال سندا للمادة /62/ من الدستور وطلب من الامانة العامة لمجلس الوزراء اصدار مشاريع المراسيم وفقا للصيغة التي حددت في متن التعميم المذكور واجراء التعديلات اللازمة على مشاريع المراسيم الواردة عند الاقتضاء لاسيما في بناءات المشروع كما وفي خانة التواقيع بحيث تشتمل فقط على تواقيع الوزراء المختصين وتوقيعين لرئيس مجلس الوزراء دون اي تواقيع اخرى".

وموقف الرئيس ميقاتي جاء بعد اشكالين حصلا مع وزيري الدفاع موريس سليم ووزير الطاقة والمياه وليد فياض. الوزير سليم كان اعتمد صيغة الـــ 24 مرتين ،الاولى لدى  استبداله مرسوم المساعدات الاجتماعية للعسكريين المرسل اليه من الامانة العامة لمجلس الوزراء بمرسوم بصيغة الـــ 24، والثانية لدى ارساله مراسيم ترقية ضباط الجيش بالصيغة نفسها.

اما الوزير فياض فارسل المراسيم المتعلقة بالسلف المالية للكهرباء وبالتسوية مع العراق وغيرها من البنود التي اقرها مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة( علما انه غاب عنها) بالصيغة نفسها التي اعتمدها زميله الوزير سليم،الا ان الرئيس ميقاتي  تفادى " تكبير المشكل"، فاصدر المراسيم المشار اليها ( ما عدا ترقيات الضباط) بالصيغة التي يراها هو قانونية في خانة التواقيع بحيث شملت فقط تواقيع الوزراء المختصين وتوقيعين لرئيس مجلس الوزراء من دون اي تواقيع اخرى. وصدرت المراسيم في ملحق من الجريدة الرسمية وتم تعميمها على  الادارات المختصة وفقا للاصول، معتبرا ان وجود توقيع الوزير المختص على صيغة الـــ 24 يعني عمليا موافقته على المرسوم، وبالتالي اصداره وفق ما يرى هو.

 

رفض الوزير التوقيع يعرضه للملاحقة

وكانت سرت، قبيل صدور التعميم، معلومات عن عزم الوزير فياض على عدم توقيع مشروع المرسوم المتضمن ما تم اقراره في بند الكهرباء، الامر الذي دفع الى اعتماد مراجعة دستورية وقانونية اظهرت ان عدم توقيع الوزير يعرضه للملاحقة القانونية. وفي هذا السياق يقول الخبير الدستوري سعيد مالك انه "  " وفق المادة ١٣ من النظام الداخلي لمجلس الوزراء بحسب المرسوم المعدل ٢٥٥٢، يُفترض على الوزير المختص بالبند المطروح أن يكون حاضرا في الجلسة... وبعدما يتلو الامين العام للمجلس هذا البند او الموضوع، يأخذ الوزير المختص الكلام، وبعده يعطى الكلام لكل وزير كي يعطي رأيه، والى حين اقرار او عدم اقرار البند، لكن باستطاعة رئيس الحكومة أن يتخطى عدم حضور الوزير، وأن يذهب الى المناقشة فإقرار الموضوع، ويكون القرار ملزماً لجميع اعضاء الحكومة بحسب النظام المتعلق بمبدأ التضامن الوزاري والفقرة ٢ من قانون ٢٨ ضمن النظام الداخلي لمجلس الوزراء.وفي حال أحجم مثلا، وزير الطاقة عن توقيع مشروع المرسوم، ووقع عنه الوزير المُسمى وزيرا للطاقة بالوكالة، فإن المرسوم الصادر، سيكون عرضة للإبطال من مجلس شورى الدولة، وكذلك وفق رأي القضاء والاجتهاد الاداري، وهو ما استُقر عليه في ١٦-١١- ١٩٩٥. والسبب الاول هو ان توقيع الوزير المختص جوهري وليس شكليا،ولكن في المقابل، فإنه إذا لم يوقع الوزير المختص مشروع المرسوم، وبالتالي لم يتم اصدار المرسوم، فإنه يعرّض نفسه للملاحقة أمام المحاكم والقانون وفق المادة ٧٠ من الدستور، بجرم الاخلال بالواجبات وبالمترتبات، وحتى ان هناك امكانية لأن يُلاحق جزائيا لأن الوزير ألحق الأذى والضرر بمصلحة الناس والدولة والبلد. وبالتالي امام هذا الفقه أو التفسير القانوني، لا بد لوزير الطاقة من أن يوقّع، وإلاّ فإنه يُلاحق قانونيا، وحتى اعلاميا وشعبيا، لأن الإعلام وغضب معظم الناس سينصب عليه، من باب أن هذا الوزير أو هذه الجهة السياسية التي يمثلها، هي التي حجبت التيار الكهربائي عنهم (ولو أن التيار الكهربائي سيؤمّن لساعات قليلة بند صدور المرسوم.

 فهل سيتقيد الوزراء، بعد تعميم رئيسهم، باعتماد الصيغة المصغرة وليس صيغة الـــ 24 وزيرا؟ يقول وزراء " المعارضة" انهم لن يتجاوبوا مع تعميم الرئيس ميقاتي وانهم يتمسكون باعتماد صيغة الــــ 24 وزيرا من خلال آلية " المراسيم الجوالة: لان صلاحيات رئيس الجمهورية انتقلت بعد الشغور الى مجلس الوزراء مجتمعا اي الى كل الوزراء وليس الى اثنين او ثلاثة او اكثر، وبالتالي فان توقيع المراسيم يجب ان يكون جماعيا، فضلا عن ان هؤلاء الوزراء يرفضون التوقيع الثاني للرئيس ميقاتي على المراسيم ويرون ضرورة اكتفائه بتوقيع واحد، الامر الذي يؤشر الى ان تعميم الرئيس ميقاتي لن يلقى اي ردة فعل ايجابية من الوزراء " المعارضين" وان كانت له صيغة القرار الصادر عن مجلس الوزراء. وتوضح مصادر السراي ان التوقيع الاول لرئيس الحكومة يعود الى كونه رئيس مجلس الوزراء، والتوقيع الثاني هو عن مجلس الوزراء مجتمعا المتمتع بصلاحيات رئيس الجمهورية انطلاقا من ان الدستور نص في المادة 64 منه على ان " رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة يمثلها ويتكلم باسمها ويعتبر مسؤولا عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء(...") ،  اضافة الى ان الحكومة تعتبر مستقيلة في حالات عدة اولها استقالة رئيسها، ما يعني استطرادا انه يختصر في شخصه وتوقيعه المسؤولية الدستورية عن الحكومة ومجلس الوزراء في آن معاً.