تفاصيل الخبر

المجلس الدستوري " نجح" في تجاوز الضغوطات وفيصل كرامي " استعاد" مقعده النيابي..... وربما اكثر!

01/12/2022
المجلس الدستوري " نجح" في تجاوز الضغوطات وفيصل كرامي " استعاد" مقعده النيابي..... وربما اكثر!

رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب يعلن النتائج

 

في القرار الذي اتخذه المجلس الدستوري الرقم 12 والذي اعلن فيه عدم صحة نيابة المرشحين المعلن فوزهما رامي فنج وفراس احمد السلوم وبالتالي ابطال نيابتهما واعلان فوز المرشح فيصل كرامي باحد المقاعد السنية في دائرة طرابلس- الضنيه-، وفوز المرشح حيدر آصف ناصر بالمقعد العلوي في الدائرة نفسها، يكون المجلس الدستوري قد بت في غالبية  الطعون التي قدمت اليه بعد الانتخابات النيابية التي جرت في ايار ( مايو) 2022، ولم يبق امامه سوى طعنان، الاول الطعن الذي تقدم به المرشح الخاسر على لائحة " التيار الوطني الحر" في عكار حيدر عيسى ( علوي) الذي خسر بفارق 87 صوتا فقط، والثاني الطعن الذي تقدم به المرشح الخاسر جاد غصن في المتن  ضد النائب على لائحة " القوات اللبنانية" رازي الحاج ( ماروني) والنائب اغوب بقرادونيان ( ارمن ارثوذكس). وكان المجلس الدستوري برئاسة القاضي طنوس مشلب،  اعلن في 20 تشرين الاول ( اوكتوبر) الماضي نتائج خمسة طعون من اصل 15  تثبت من خلالها نيابة كل من الياس الخوري وجميل عبود في طرابلس، بلال الحشيمي ( زحلة  البقاع)، سعيد الاسمر وشربل مسعد ( جزين) وفراس  حمدان ( حاصبيا- مرجعيون). وفي 3 تشرين الثاني ( نوفمبر) الماضي اعلن القاضي  مشلب الدفعة الثانية التي شملت اربعة طعون وابقت على نيابة سنتيا زرازير ( بيروت الاولى) وفيصل الصايغ ووضاح  الصادق ( بيروت الثانية)  وفريد الخازن ( كسروان)  وسعيد الاسمر ( جزين)، وفي 17 من الشهر نفسه رد المجلس طعنين ضد النائب فادي علامة ( بعبدا)، وضد النائبين فريد الخازن ونعمة افرام ( كسروان).

 

وبصرف النظر عن النتائج التي ترتبت عن قرارات  المجلس الدستوري غير القابلة لاي طريق من طرق المراجعة، اي انها نهائية ونافذة،  فان المصادر المتابعة اعتبرت ان المجلس نجح في الامتحان الذي وجد نفسه في  صلبه بعد الانتخابات  وحمى نفسه من التدخلات  السياسية ومن الضغوط  الاعلامية التي مورست حياله، واثبت ان الشكوك التي اظهرها البعض، وفي مقدمهم رئيس حزب " القوات اللبنانية"  الدكتور سمير جعجع ( الذي كان تحدث عن ضغوط  يمارسها " التيار الوطني الحر"  للتلاعب بنتائج الطعون)، لم تكن في محلها لاسيما وان قرارات المجلس، باستثناء ما خص بالطعن المقدم من كرامي، صدرت باجماع اعضائه، ولم يخالف قرار  كرامي الا عضو المجلس عمر حمزة. وبذلك يكون  المجلس الدستوري قد قطع  الطريق امام اي تشكيك بقراراته ما  يجعل المنتظر في الطعنين الباقيين مجهولا حتى اللحظة الاخيرة  وهو ما حصل في الطعون التي صدرت قرارات في شأنها  اذ حافظ اعضاء المجلس على سرية المداولات في ما بينهم  وانجزوا عملهم  بحرفية عالية  خصوصا انهم اعتمدوا مرات عدة اعادة جمع اصوات اقلام الاقتراع المطعون بنتائجها، او هم استمعوا اكثر من مرة الى اكثر من رئيس  واعضاء لجان فيه، كما دققوا في المحاضر والسجلات. وفي هذا السياق، قال القاضي مشلب انه واعضاء المجلس الدستوري لم يتركوا " زاوية" الا ودققوا فيها، كما لم يتركوا اي ملف الا ودرسوه اكثر من مرة واعادوا فرز الكثير من اقلام الاقتراع، حتى استطاعوا الوصول الى هذه النتائج التي برزت في القرارات التي  صدرت والتي فندت كل المعايير والاعتبارات التي اعتمدت لاصدار القرارات التي اعد بعضها " على ضو الشمعة" بسبب انقطاع التيار  الكهربائي عن مقر المجلس.

 

ومع صدور قرار المجلس الدستوري الذي اعلن نيابة كرامي  وناصر، لم يعد لكل من فنج والسلوم اي صفة نيابية انهما ليسا ايضا من النواب السابقين ذلك انه عندما يصدر القرار بابطال نيابة، فالتصريف القانوني للابطال هو ان العقد قد نشأ باطلا اي ليس له اي اثر.  اما بالنسبة الى  واقع الافعال التي يكون قد قام بها النائب المبطلة نيابته عندما كان  نائبا، فانها تبقى من دون ان يعتبر نائبا سابقا ولا يحصل بالتالي  على ما يترتب عن ذلك من نتائج لاسيما المخصصات المالية او التقاعد كنائب سابق. اما بالنسبة الى اقتراحات القوانين التي تقدم بها فنج والسلوم خلال وجودهما في مجلس النواب، فانها تسقط مع اعلان بطلان النيابة، الا  اذا تبنى هذه الاقتراحات نائب فاعل او كتلة نيابية كي تبقى قائمة لانه من الضروري ان يصبح للاقتراح مدافع و منظم عندما يتم  البحث  به في مجلس النواب.

 

فيصل كرامي والتوازن السني

هذا في الشكل، اما في البعد  السياس، فتقول مصادر متابعة في معرض تقييمها لقرار المجلس الدستوري في ما خص اعلان فوز كرامي وفنج انه ليس تفصيلا ما حصل، والمسألة تتعدى احلال نائب مكان آخر بقوة الدستور واثبات الخطأ،  لتشكل بحد ذاتها محطة فاصلة على مستوى الاداء السياسي وما هو منتظر من دور لمجلس النواب الذي  قد يشهد في الاتي من الايام تغيرا في التوازنات قد يكون طفيفا في الشكل، لكنه  عميقا في المضمون خصوصا في حال تأكد ان الطعنين الباقيين سيحملان تطورا دراماتيكيا يشبه الى حد بعيد ما حصل في طرابلس. وتضيف المصادر نفسها ان الاهم في قرار المجلس الدستوري يتمثل في عودة قطب مناطقي الى مجلس النواب في عز الحاجة الى وزن سني يعيد بعضا من  التوازن ليشكل نقيضا للتشتت الحاصل بعد اعتزال الرئيس سعد الحريري وابتعاد شخصيات وازنة نتيجة ما شاب الاداء  السياسي السني في السنوات الاخيرة  والموقف السعودي خلال الاعوام الماضية، ذلك انه  في استطاعة كرامي تشكيل حالة  وازنة  قد تكون اولى  خطواتها  التحضير  لتشكيل كتلة نيابية وازنة نسبيا تزيده تأثيرا وتعبّد له الطريق لدخول  مجلس النواب من الباب الواسع. وهو في الوقت نفسه على يقين كامل بانه دخل بالقوة والفعل النادي الحكومي، وصار المرشح الابرز راهنا لتشكيل زعامة لا تشوبها اصلا شبهة فساد اداري او مالي. وهو المقياس المطلوب دوليا بالحاح لرئيس الحكومة  الاولى في العهد الرئاسي الجديد.  ومن التقى كرامي بعد عودته الى مجلس النواب مستعيدا مقعده  النيابي لاحظ انه لا يلتقي مع القائلين بان محور " 8 آذار" كسب  بفوزه صوتا اضافيا داخل مجلس نيابي موزع الى اقليات متناثرة  ومتنازعة، وهو يشدد ان " 8 و 14 آذار"  صارا من الماضي والواقع السياسي والنيابي الحالي لا يمكن فرزه وتصنيفه وفق هذا المعيار  المنتهي الصلاحية، فضلا عن حرص كرامي على ان تكون له خصوصيته التي تتيح له هوامش واسعة في التحرك من دون التنكر لتحالفاته وثوابته الوطنية والقومية. وفي  هذا السياق يؤكد كرامي انه ليس وسطيا او رماديا وان خياراته الاستراتيجية معروفة  ومحسومة  لكنه في الوقت نفسه لا يحبذ ان يكون  جزءا من الاصطفافات الحادة التي لا توصل الى اي مكان. ويضيف كرامي امام زوراه انه لديه القدرة على التحرك في اتجاهات مختلفة، وعلاقاته جيدة مع جميع الأطراف باستثناء "القوات اللبنانية". ولعلي استطيع انطلاقاً من هذا الموقع ان اساهم في البحث عن قواسم مشتركة" .ويشدّد  على أنّ "لا خيار أمامنا عاجلاً ام آجلاً سوى الحوار الذي دعا اليه الرئيس نبيه بري، خصوصاً انّ أي طرف لا يستطيع أن يأتي لوحده بالرئيس المقبل، وبالتالي فإنّ التوافق هو ممر إلزامي لملء الشغور في قصر بعبدا"، معتبراً انّ من الأفضل أن "نبادر نحن طوعاً إلى إجراء هذا الحوار "عالبارد" بدل ان يُفرض علينا من الخارج ونضطر إلى خوضه "عالحامي" بعد حين".  وعندما يسأل هل جارك الشمالي سليمان فرنجية هو مرشحك الرئاسي؟ يجيب كرامي: "سليمان بك هو اخي وتربطني به علاقة مميزة تستند إلى الود والاحترام. ولكن المسألة ليست مسألة عواطف شخصية بل حسابات دقيقة، وانا أرفض ان أزجّ باسمه في معمعة الاستهلاك والتجارب العبثية، انطلاقاً من الحرص عليه والتقدير لشخصه، ولذلك إذا لم يكن انتخابه مضموناً فلا مصلحة في أن اسمّيه لتسجيل موقف فقط في صندوق الاقتراع، بينما ما يهمّنا هو ان نستطيع إيصال من نرشحه إلى قصر بعبدا". ويوضح كرامي، انّه غير متحمس لاستخدام الورقة البيضاء «مع العلم انّ أصحاب الورقة البيضاء يريدون ان يقولوا عبرها انّهم يفضّلون تأجيل انتخاب الرئيس، بغية الوصول إلى حوار ينتج تفاهماً بين اللبنانيين»، لافتاً إلى انّه سيتشاور مع حلفائه من النواب في البدائل المناسبة عن الورقة البيضاء، ولو ادّى ذلك إلى الذهاب نحو ورقة ملغاة". ويخشى كرامي من ان تصبح جلسات اللاانتخاب المتكرّرة تعبيراً عن عجز اللبنانيين في اختيار رئيس جديد، «ما يفتح الابواب أمام خيارات ومسالك وعرة ليس من المصلحة ان نخوض فيها»، مرجحاً ان يعتمد الرئيس بري دينامية مختلفة في التعامل مع الاستحقاق الرئاسي.  ويشير كرامي إلى انّ ما يزيد المأزق تعقيداً هو التشظي داخل كل معسكر سياسي، مبدياً خشيته من ان لا يكون هناك رئيس للجمهورية قريباً، «مع انّ وضع البلد لا يتحمّل ترف الشغور". ويرجح كرامي ان يكون انتخاب الرئيس المقبل بحاجة إلى تقاطع داخلي – خارجي لم يحصل بعد، "والخوف هو ان يتأخّر، بينما لبنان لا يتحمّل الانتظار، ما يفرض علينا كلبنانيين، ان نبادر ونؤدي واجبنا الوطني، لإيجاد المخارج، عبر التوافق الداخلي وعبر الواقعية السياسية الآخذة في الاعتبار طبيعة الصراعات الاقليمية والدولية المؤثرة حتماً على لبنان، وبمعنى آخر انا ادعو الى التفكير جدّياً في الحل الداخلي الذي يحظى بقبول الخارج، بدل ان ننتظر الحل الخارجي الذي ينصاع له الداخل".

في المحصلة، يبدو للمراقبين السياسيين ان كرامي يتأهب لاخذ موقع  سني متقدم في مجلس النواب وفي الحياة السياسية اللبنانية ليس لانه سليل بيت سياسي عتيق ووريث 3 رؤساء حكومات من جده احد رجالات الاستقلال المغفور له عبد الحميد كرامي، الى عمه الرئيس الشهيد رشيد كرامي،  الى والده المغفور له الرئيس عمر كرامي، وبالتالي لن يكون غريبا عن " الجو"  الذي يميز الطامحين الى رئاسة الحكومة لاسيما وانه يأتي وله نواب حلفاء في الشمال هم طه ناجي وكريم كبارة وجهاد الصمد ومحمد يحيى، وفي البقاع النائب حسن مراد، الامر الذي اثار تساؤلات عن احتمال قيام تكتل لهؤلاء النواب مع آخرين من كتلة " اللقاء النيابي الشمالي" و" التكتل الوطني المستقل"  و" جمعية المشاريع" ونواب مستقلين في جبهة  عابرة للمناطق. اضافة الى ان كرامي ليس بعيدا عن  " الثنائي الشيعي" بشقيه حركة " امل" من خلال  رئيسها الرئيس نبيه بري، او الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله  وله خطوط مفتوحة مع السعودية وتركيا في آن، ما يجعل موقعه متقدما عن غيره.