تفاصيل الخبر

المواجهة باتت قريبة بين لبنان ومفوضية اللاجئين و"غراندي" لم يتجاوب مع خطة اعادة النازحين

07/12/2022
المواجهة باتت قريبة بين لبنان ومفوضية اللاجئين و"غراندي" لم يتجاوب مع خطة اعادة النازحين

رئيس المفوضية "فيليبو غراندي" في لقاء سابق مع  الرئيس السابق ميشال عون

 

كل المعطيات تشير الى ان العلاقة بين لبنان والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين ( UNHCR ) لن تكون سليمة في الاتي من الايام، ولم تحقق زيارة رئيس المفوضية "فيليبو غراندي" الى لبنان الاسبوع الماضي اي تقدم يذكر في تفهم الموقف اللبناني المطالب باعادة  النازحين السوريين الى بلادهم في اطار العودة الطوعية والامنة لعدم قدرة لبنان على تحمل المزيد من تداعيات هذا النزوح اقتصاديا واجتماعيا وصحيا، وخصوصا امنيا بعد تزايد نسبة الجرائم التي يرتكبها سوريون على الاراضي اللبنانية. تعددت الدعوات اللبنانية  الى المجتمع الدولي للمساعدة في اعادة النازحين  ولم تغب هذه القضية عن مختلف اللقاءات التي عقدها الرئيس ميشال عون قبل انتهاء ولايته الرئاسية، وكذلك الوزراء داخل لبنان وخارجه، ثم انضم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى المطالبين بايجاد حل لوضع النازحين السوريين في لبنان من خلال دعم خطة العودة التي وضعتها الحكومة اللبنانية واوكل الى المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم مهمة تنفيذها بالتنسيق مع المسؤولين السوريين. ووجد المفوض الدولي" غراندي" نفسه خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين امام سلسلة من الاسئلة حول الاسباب الحقيقية التي تمنع المفوضية الاممية من تسهيل العودة الطوعية للسوريين، ولاسيما معرفة ما اذا كان الموقف الرافض للتعاون يخفي اهدافا غير معلنة منها ما يتردد بشكل قوي من وجود توجه لدى المجتمع الدولي بابقاء السوريين في لبنان بحجة ان الحل السياسي في سوريا لم يتحقق بعد وان الحرب في سوريا  لم تنته على رغم تحقيق النظام السوري انتصارات عسكرية في نطاق واسع من البلاد. ما حقق نوعا من الامن المضبوط على رغم استمرار الحرب في المناطق المتاخمة لتركيا والعراق والتي توجد فيها قوات تركية وروسية واميركية وكردية وخبراء امنيون عسكريون ايرانيون وميليشيات ايرانية التوجهات. ومن الاسئلة الصريحة التي واجهت "غراندي " في بيروت هل ان المجتمع الدولي يريد  فعلا توطين النازحين السوريين في لبنان من خلال المناداة بـــ " الاندماج"  النازحين بالمجتمع  اللبناني المتعدد المكونات الطائفية والسياسية والاجتماعية.

 

مفوضية اللاجئين تتجاهل مطالب لبنان

ويقول مطلعون على محادثات غراندي ان المسؤول الاممي اكد في معرض اجوبته على اسئلة المسؤولين اللبنانيين  ما سبق ان ردده كثيرون قبله من ان لا نية لدمج النازحين او ابقائهم في لبنان، لكن لا رغبة حاليا في " تعريض" النازحين لدى عودتهم الى سوريا لاي نوع من انواع الضغوط لاسيما الزام الشباب منهم بالانخراط في الخدمة العسكرية في الجيش السوري او دفع غرامات مالية بدلا من الخدمة الفعلية. وعلى رغم ان الجانب اللبناني قال للمفوض "غراندي "ان النازحين الذين عادوا من خلال الرحلات التي نظمها الامن العام اللبناني لم يتعرضوا لاي مضايقات تذكر لا بل قدمت لهم المساعدات والرعاية في مراكز الايواء  في انتظار انجاز اصلاح منازلهم المتضررة. لكن غراندي فاجأ محدثيه اللبنانيين بسؤال خلاصته هل ان النظام السوري يريد فعلا عودة النازحين الى بلادهم لاسيما وان ثمة تقارير تفيد بان مجموعات لا بأس بها من هؤلاء النازحين يصنفهم النظام السوري بالمعادين  الذين يمكن ان يحدثوا اضطرابات سياسية وامنية في البلاد. وسجل الجانب اللبناني على اداء المنظمات الدولية الكثير من الممارسات الخاطئة بحق الدولة اللبنانية، منها عدم تحرك مفوضية اللاجئين ساكنا بعد المذكرة التي تلقتها من الحكومة اللبنانية في ما يتعلق بتطوير التعاون في ملف النازحين، اذ ابقت المفوضية على ما هي عليه لجهة التفرد بالقرارات، كما انها لم تقدم للبنان ما يساعده على معرفة الاعداد الواقعية للنازحين. ومعلوم في هذا الاطار ان الحكومة اللبنانية قدمت منذ اربعة اشهر  بمذكرة من 15 بنداً تتضمن مقترحات لتطوير التعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان وسلمتها إلى ممثل مكتب المفوضية في لبنان "أياكي إيتو" وأبلغها الى " غراندي" الذي أبدى موافقة المفوضية على كامل البنود واستعدادها للتعاون بشأنها. ولغاية اليوم لم تحرك المفوضية ساكناً بخصوص بنود الخطة الموضوعة في عهدتها ما أثار استياء الجهات الرسمية المعنية في لبنان والتي تتهم المفوضية السامية للاجئين ومنظمة الأغذية العالمية بعدم التعاون والتفرّد في القرارات والعمل على دعم وجود النازحين متجاوزة الصعوبات التي يعانيها لبنان بسببهم. وفي هذا السياق، يقول وزير الخارجية والمغتربين  عبد الله بو حبيب أنّ لبنان لم يزل ينتظر خطوات المفوضية بهذا الشأن وهو لمس تفهماً دولياً لمعاناة لبنان من أزمة النازحين السوريين، واستغرب كيف أنّ ملف النازحين لا يحتل صدارة البحث بالنظر الى الأعباء المترتبة على وجود النازحين على الأراضي اللبنانية "ما يضاعف مشاكل بلد غير مهيأ لإستضافة ما يقارب المليوني نسمة ويتشارك معهم بناه التحتية وخدماته التي بالكاد تسد حاجات مواطنيه، وهم معفيون بطبيعة الحال من دفع الضرائب أو بدل خدمات أو رسوم الإقامة". وأثار بو حبيب خلال لقاءاته في الدول الغربية مسألة بالغة الحساسية وهي التنوع الإسلامي المسيحي والمساواة بين الديانتين التي يحفظها القانون في لبنان خلافاً لغيره من الدول وهي من الأسباب التي دفعت البابا" بولس الثاني" إلى القول إن لبنان بلد الرسالة، فإذا فشل التعايش الإسلامي المسيحي فيه فقد عنصر تمايزه ولذا فإن هذا البلد الصغير معرض ليفقد هذا التمايز بسبب عنصر دخيل عليه يهدد وجوده وقد مضى على وجود النازحين سنوات طويلة فيما تصرّ الدول المانحة على ربط عودتهم بالحل السياسي وترفض خوض حوار مع الدولة السورية بشأن عودتهم".ولا شك أنّ جود هؤلاء في لبنان سببه المساعدات التي يتلقونها من الدول المانحة بواسطة مؤسسات أممية ولا سيما المفوضية السامية للاجئين ومنظمة الأغذية العالمية، والتي تشكو المؤسسات المعنية من طريقة تعاطيها التي تنعكس سلباً على موضوع النازحيين إن لناحية عملها من خلال مؤسسات "NGOS "على حساب مؤسسات الدولة أو التعاقد مع عشرات الشباب بموجب عقود عمل موقتة.ومن خلال تعاطيها يلمس المسؤولون في لبنان الأسلوب الليبرالي لمفوضية الشؤون بالنسبة لما يجب أن يكون عليه وضع النازحين، أي أنهم يريدون التحكم بقواعد اللعبة بعيداً عن المؤسسات اللبنانية المعنية وهو ما يؤكد عليه بو حبيب مستغرباً كيف أنّ "المنظمة الدولية المعنية لا تزال ترفض تسليم لوائح بأسماء النازحين وأعدادهم والمبالغ المرصودة لهم وآلية صرفها ومشاركة لبنان أعباء استضافتهم بدل الإكتفاء بشكره". وبينما تتحدث هذه المنظمات عن تقديرات أمنية في حوزتها، تؤكد وجود خطر على عودتهم فإنّها ترفض تسليم لبنان ما يثبت ذلك وكيفية الحكم مسبقاً طالما لا تواصل مع النظام، خاصة و "أنّ هناك آلاف النازحين الذي يغادرون ذهاباً وإياباً عبر الحدود بين لبنان وسوريا يومياً فكيف يمكن التحقق ما اذا كانوا لاجئين وكيف دخلوا البلاد وعادوا منها إن كانوا فعلاً مطلوبين من النظام". يتخوف وزير الخارجية من كرة نار متدحرجة في ظل تفاقم الحساسيات بين النازحين واللبنانيين وكيف أن المؤسسات الأممية ترهن عودتهم الى بلادهم بالحل السياسي مبدياً خشيته من أن نكون أمام تكرار لمأساة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

 

الشباب اللبناني يهاجر..... والسوري باق!

وتظهر ارقام صارخة ان نسبة الهجرة من اللبنانيين  الى الخارج  باتت 30 في المئة من اللبنانيين الشباب، في الوقت الذي تبرز فيه نسبة الشباب من النازحين السوريين في لبنان التي باتت تشكل 60 في المئة. وباتت الكثافة السكانية في لبنان تحتل المرتبة الرابعة عالميا بحيث يعيش 680 شخصا في الكيلومتر  المربع الواحد، في الوقت الذي تعتبر فيه كندا مثلا وهي بلد الهجرة حيث يعيش 4 اشخاص في الكيلومتر  المربع الواحد. وتصبح هذه الارقام " مخيفة" ومقلقة في آن عندما يصبح معلوما انه في بلد يعيش فيه 6 ملايين و 800 الف شخص، هناك من اصلهم  مليونين و 800 الف من النازحين السوريين! هذا الواقع دفع الحكومة اللبنانية الى وضع خطة تصر على اعتمادها في تعاطيها مع الملف بهدف تحقيق العودة، تبدأ باجراء مسح شامل للنازحين عبر الطلب رسميا من المفوضية العليا للاجئين  الافراج عن لوائح بالاسماء التي في حوزتها والتي تحجبها منذ العام 2012، وتستمر الخطة في الطلب الى اللواء ابراهيم متابعة ملف العودة الطوعية والتواصل مع السلطات السورية وحثها على المزيد من الالتزام لتسهيل العودة، اضافة الى التشدد على المعابر الشرعية لجهة التدقيق في العابرين ذهابا وايابا واسقاط صفة النازح من كل ما يدخل الاراضي السورية ويريد العودة الى لبنان.

اما بالنسبة الى مرتكبي الجرائم والسجناء السوريين الـــ 1700 الذين يشكلون 30% من نزلاء سجون لبنان هؤلاء ونظرا لاوضاع السجون المزرية، فالخطة تطرح ان ينفذوا محكوميتهم في السجون السورية. لكن المطلوبين من السلطات السورية لاسباب سياسية وامنية فلبنان الذي  لم يبعد او يرحل اي نازح سوري قصرا يطلب  بموجب الخطة ان تتولى المنظمات  الدولية تأمين مخرج لهم. اما في خص المساعدات فان السلطات اللبنانية لم تعد تقبل بالنسبة الى اللبنانيين باقل مما يعطى للنازحين السوريين لاسيما ان اللبنانيين اصبحوا بغالبيتهم من الفقراء، لا يتلقون اي دعم او مساعدة خارجية خلافا للنازحين  الذين تؤمن لهم خدمات كافة من الدولة اللبنانية بموازاة المساعدات المالية والعينية من الجهات الخارجية.