تفاصيل الخبر

مناورة عسكرية ـ أمنية ـ سياسية في جنوب لبنان

24/05/2023
مناورة عسكرية ـ أمنية ـ سياسية في جنوب لبنان

المناورة الاضخم

 

بقلم علي الحسيني

 

نفّذ "حزب الله" يوم الأحد الماضي، أضخم مناورة عسكرية حضرها حشد كبير من الإعلاميين من لبنان والخارج، واللافت في المُناورة هذه، أنّها تضمذنت مجموعة رسائل وزّعها "الحزب" بين الداخل والخارج بالإضافة إلى رسائل عسكرية ـ أمنية كان لإسرائيل منها الحُصّة الأكبر خصوصاً بما تضمّنته المناورة لجهة مُحاكاة إحتلال مستوطنات عند الحدود مع لبنان. وعلى الرغم من اللغط الذي أُثير حول طبيعة المناورة قبل موعدها لجهة نوعيّة السلاح الذي سيُستخدم خلالها مما إستدعى توضيحاً من الوحدة الإعلامية بأن البعض حمّل المناورة أكثر مما تحتمل وذلك عن حُسن نيّة وليس عن سوء.

رسائل مُتعددة!

بغض النظر عن توقيت المناورة التي نفّذها "حزب الله" إذ أن تاريخها تزامن مع إنعقاد القُمّة العربية في السعودية مع تأكيد "الحزب" على الفصل بين الحدثين، وبعض النظر عن الحضور الإعلامي الكبير الذي حضر للمرّة الأولى في تاريخ مُناورات "الحزب وبعض النظر أيضاً عن توضيحات إعلام "حزب الله" بأنها تصبّ في خانة الإستعداد للدفاع عن لبنان بمواجهة إسرائيل، فقد عبّر البعض عن خشيته من هذا الحدث باعتباره خارج إطار الدولة ويخدم مشروع "الحزب" المُترابط مع إيران القائم على هدم أُسس الدولة وشرعنة السلاح غير الشرعي.

ومن أبرز المُعبّرين عن هذا التوجّه، رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي رأى أن المناورة في منطقة الجنوب مرفوضة تماماً، إذ في الوقت الذي يصارع فيه اللبنانيون ليل نهار وفي كلّ لحظة لإعادة بناء دولتهم واستعادة الثقة العربية والدولية بهذه الدولة، وجّه "حزب الله" رسالة واضحة أمام اللبنانيين جميعهم، والمجتمعين العربي والدولي، مفادها بأنّه "مهما حاولتم وسعيتم لن نسمح بقيام دولة فعلية في لبنان.

إضاف جعجع: إنّ المناورة تصرّف أرعن لن يتضرّر منه سوى لبنان وآمال شعبه في قيام دولة فعلية تخفِّف من عذاباته، كما أنه لن يؤثر سلباً إلا على بعض أجواء الانفراجات التي سادت مؤخراً على المنطقة العربية، وبالتالي خطوة المناورة لن تستفيد منها إلا إسرائيل.

من جهته، أوضح مسؤول العلاقات الإعلاميّة في "حزب الله" محمد عفيف، أن بعض الإخوة الإعلاميّين بالغوا عن حسن نيّة، في رفع سقف التوقّعات عن النّشاط العسكري المقرّر يوم الأحد المقبل، في أحد معسكرات المقاومة الإسلاميّة في الجنوب. وأوضح عفيف أن النّشاط العسكري المشار اليه المحدود بطبيعته مكانًا وزمانًا، الّذي سينفَّذ أمام الإعلاميّين ووسائل الإعلام حصرًا وبمناسبة عيد المقاومة والتّحرير، هو عيّنة بسيطة عن قدرات المقاومة الحقيقيّة في إطار توجيه رسالة إلى العدو الصّهيوني، عن جاهزيّة المقاومة لردع العدوان والدّفاع عن لبنان؛ وبالتّالي فإنّ ما نُسب لي من تصريحات خارج مضمون هذا البيان غير صحيح بتاتًا.

هل من نصائح وُجّهت إلى "حزب الله"؟

في سياق المناورة، رأت مصادر سياسية أن حزب الله كان تلقّى مجموعة نصائح محلية وخارجية بعدم تضخيم حجم المناورة وأبرز هؤلاء الرئيس نبيه برّي الذي كانت له وجهة نظر بأن تضخيم حجم المناورة لا يحدم موقف "الثنائي الشيعي" السياسي خصوصاً في ملف الإستحقاق الرئاسي. كما ان هناك نصائح قدمتها قوّات "اليونيفل" باعتبارها ستكون خرقاً للقرارات الدولية وهذا سيُحمّل الأرضية تبعات قد تستثمرها إسرائيل لخلق فوضى عند الحدود مع لبنان، مما بخدم مصلحتها في خربطة الأوضاع في المنطقة خصوصاً بعد فرملة الإندفاعة العربية بما يتعلّق بالتطبيع معها.

ومن جهته، أعلن رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين من مكان المناورة، أن ”مقاومة اليوم هي قوة ممتدّة ومحورٌ كامل سيبقى يتطور من غزة والضفة والداخل المحتل ولبنان انطلاقًا من إيران ، متوجهاً لإسرائيل بالقول، التفكيك بين الجبهات خيالي. كما أكد صفي الدين، ان حزبَ الله يؤكدُ الجهوزيةَ الكاملةَ لمواجهةِ ايّ عدوان متوعداً إسرائيل بأيّام سوداءَ لم يرَ لها مثيلاً في حالِ فكرَ في تغييرِ المعادلات التي صنعتها دماءُ الشهداء.

وقال صفي الدين: إنما عُرض اليوم هو جزء بسيط ومتواضع من جهوزية وقدرة المقاومة، مؤكداً أن “العدو سيرى فعل الصواريخ الدقيقة في قلب كيانه إذا ارتكب أي حماقة”، متوجهاً “لنتنياهو وفريقه الأخرق” بالقول “راقبنا قدراتكم جيدًا وعرفنا عجزكم عن احداث معادلة جديدة لهث لها نتنياهو ولكنه فشل.

الرسالة الأمنية الأبرز!

في سياق الرسائل الأمنية الأبرز التي أراد "حزب الله" توجيهها لإسرائيل، تمثّلت بحسب مصادر سياسية بحضور رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" السيد هاشم صفي الدين شخصياً وذلك عقب معلومات أمنية كانت وصلت إلى "الحزب" تُفيد بنوايا لدى إسرائيل باستهداف شخصيّات بارزة من "الحزب" أبرزها صفي الدين. من هنا فإن رسالة "الحزب" هي بأن أي استهداف لهذه الشخصية ستكون له تبعات كبيرة.

أما بعض المُحللين العسكريين الذين لا يدورون في فلك "حزب الله"، فقد اعتبروا أن السلاح الذي جرى إستخدامه من دبّابات وبعض الصواريخ من طراز قديم لا يدخل ضمن أولوية إستراتيجيات حروبه المُقبلة في مواجهة إسرائيل بعد أن كان استخدم الجزء الأكبر منها في القلمون والقصير في سوريا وبالتالي فإن المناورة هي رسالة إلى الداخل اللبناني بالدرجة الأولى أراد استخدامها في الملف الرئاسي وإلى الخارج بالدرجة الثانية بأنه جيش مُنظّم ومُستعد للدخول في أي مواجهة عسكرية مع أي طرف خارجي وداخلي.

وبحسب هؤلاء فإن ما حصل لا يعدو كونه استعراضاً عسكرياً ولا يدخل في إطار الجديّة حيث شهد مسرح المناورة العديد من الأخطاء وغياب التنسيق وبالتالي فإن المناورة كشفت أبعاد "الحزب" الذي أصبح أشبه بدولة لجهة تمتلك جيشاً مُنظّماً لا يُمكن الإستهانة بقوّته وبعقيدته القتالية.